الخميس، سبتمبر 22، 2011

قبل وبعد الموت


لا أصدق أن ما يحدث الآن يحدث وقد اشتعلت ثورة في مصر.. نحن الآن مطاردون في حقل قمح.. ولا جريمة اقترفناها سوي رغبتنا في كشف التنظيم الإرهابي الذي شكلته عناصر في الشرطة.. ومهمته أن يقتل من يعرف أكثر من اللازم أو من لديه الوعي الكافي لملاحقة أفعالهم وفضحهم، وقد كنت أنا من أصحاب الوعي للأسف..
الضابط موجها حديثه إلي:
-أعطني هاتفك. لقد أجريت به مكالمات بوليسية.
- ماذا ؟ .. لا أفهم ما ذا تعني مكالمات بوليسية.
ينهال علي جسدي الضعيف ضربا بالعصي. في الواقع يريدون التخلص من هاتفي لوجود أدلة تدينهم وتثبت وجود التنظيم الإرهابي وتفضح جرائمهم غير الإنسانية. انشغل الضابط في استجواب شخص آخر وضربه..
تسللت وهربت إلي الجنوب. هذا هو وقت مجد المحاكمات العسكرية.. هل لديك لسان صادق؟
إذأ فلنهنأ سويا بالتعذيب والمحاكمة العسكرية ياعزيزي. أنا مهدد بالقتل.ساد النظام العسكري حتى في المدراس.
عندما يعاقبون الطلبة ينيمونهم علي بطونهم في الفناء تحت الشمس.. ويجبرونهم علي الزحف بدون استخدام الأقدام.. فتيات كانوا أم فتية!
الشرطة قادمة.. رأيت سمتهم المقبض يبزغ في الأفق.. قادمون من أجلي. هربت.. لا خوفا علي حياتي..
لكن خوفا على المعلومات التي يجب أن تخرج إلى العالم والأدلة التي لايعرف مكانها مخلوق آخر.
جريت..
لحقوا بي وقبضوا عليّ .
-أين هاتفك ؟
- لا أعرف عنه شيئاً.
فتشوني بعنف ومزقوا ملابسي لترسيخ شعوري بالإهانة.. ثم ألقوا بي. كان المكان محاصراً فلم أقيد. قبل المطاردة مررت الهاتف إلي فتاة مخلصة أثق بها كي لا تضيع الأدلة التي تدينهم ويستشري فسادهم، وكل ما يتردد عنهم مثل ما تحكيه العجائز من أساطير لأحفادهن لا يصدقها أحد ويتهم قائلوها بالخرف.
شعرت بسائل دافئ علي رأسي لم أدرك مصدره.. بعد ثوان أدركت أنها دمائي. لم أشعر بألم.

لقد أصابوني برصاصة، ومع ذلك ظل كل شئ حولي كما هو وظل حكمي علي الأمور متزنا. كنت أكثر قوة مما كنت أتمتع به منذ ساعات قليلة لذلك هربت مرة أخرى..

لا أعرف كيف اخترقت الحصار واتجهت إلى الفتاة التي تحمل الأدلة لأحذرها من فتح الهاتف كي لا يحددوا مكانها ويغتصبونها كي تنفك عقدة لسانها كما سمعتهم يقولون.
***
كنت ميتا.. ومع ذلك أرادوا قتلي مرة أخرى بتشويه سمعتي.
***
كنت ميتا.. عقدت الشرطة اجتماعا معي لإعدامي مرة أخري.. كان هناك متفرجون.. ضربت إحدى المتفرجات لأنها مازحتني وسخرت من ملابسي الملطخة بالدماء..
كانت جواري الفتاه التي أوصيتها بتهريب المعلومات. كنت مستسلما للموت.. فأنا ميت.
أعدوا أنفسهم لاغتصاب الفتاة. قتلوا الكثيرون أمامنا. قالوا أنهم سوف يلاحقونني ليعذبوني.. لكنهم لم يحددوا لي المرة التي سوف يقتلونني فيها. كل المرات التي هربت فيها قالوا أنها كانت برضاهم كي يعذبوني بالرعب. كدت أيأس للحظة لكني خططت للهرب أنا والفتاة وبدأنا التنفيذ.


هناك تعليقان (2):

  1. قصة رائعة يا سمر ، تهنئتي

    و قص الواقع من خلال لغة نثرية قصصية يكمل الصورة مع فن المقال ، فقد تلهمني قصصك للكتابة مستقبلا و قد تلهمك مقالاتي

    لذلك سأترك لك هنا لينك مدونتي لأستفيد برأيك و نتبادل الأفكار ، و أعتقد أنها لن تكون المرة الأخيرة التي أبدي فيها إعجابا بما تكتبين

    إياد أحمد

    http://eyadomar.blogspot.com/

    ردحذف
  2. الى متى
    الى متى ايها العذاب اراك ظلا ليس له غياب
    الى متى تفيض روحى بالندم والالم والتعلق بالاهداب
    ااصبحت رفيقا ام صديقا ام قضبانا بلا ابواب
    ام اصبحت لقلبى سجانا لا يعرف من الرحمة الا سراب
    ~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~ ~~~~
    الى متى يا قلب تتمنى رؤياها وانت لا ترى منها الا طيف ذكريات
    اراها بعيني تناجى غيرك وانت ترفض وتدعى انها تخيلات
    ترفض ان ترى الحقيقة وكيف ستراها وانت دمعك يتساقط قطرات
    احاول ان أضىء لك طريقا وانت تفضل ان تتوه فى الظلمات
    ~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~ ~~~~~
    الى متى سأصرخ فيك تم نسيانك فلماذا لا تنسى
    تم استبدالك بغيرك فلم لا تكون اقسى
    فلتمنع دمع عينك وتجعلها لشىء اسمى
    وان لم تفعل سأنزعك من صدرى ? وسأحيا

    ردحذف

تسعدني زيارتك وأحب معرفة رأيك...
جميع التعليقات يتم ارسالها إلي بريدي الإلكتروني